مرور دبي والدراجات، إلي أين؟

إذا قدت الدراجة الهوائية في الشارع “السريع” فالغرامة 500 درهم. أما إذا قدت سيارتك على مسار الدراجات فإن المخالفة 300 درهم فقط!

وبرفقة هذه الخبر من “الإماراتية اليوم” الجديد والقوانين الجديدة، تأتي حملة دبي المتكررة لمصادرة الدراجات فتختفي من الشوارع 11 ألف دراجة في شهرين حتى إذا تكاثرت من جديد (والغالب أنها لنفس المستخدمين) جددوا نفس الحملة سنويا “باسم السلامة” والذي يوحي أن الهدف هو تطهير الشارع من الدراجات وليس نشر السلامة المرورية أو دعم التنقل بالدراجات الهوائية أو حتى نشر التوعية بأن الدراجة مركبة في قانون المرور في دبي.

وتستند القرارات على شبهة أن الدراجة “خطرة” أو أن الطرق “خطرة” وهذا بعيد عن الصحة، إذ أن مصدر الخطر هو السيارة إن وجد، ولكن إدارة المرور عوضا عن مصادرة السيارات قررت وضع الأنظمة والقيود على الدراجات الآمنة دون الاستناد على أي دليل أو بحث علمي.

دراجات هوائية مصادرة في دبي

أما الطرق التي تزيد على 60 كلم\س فستكون دبي أول مدينة تمنع الدراجين من هذه الطرق العادية، فلا يخفى أن الدراجين يسيرون بسهولة وأمان في هذه الطرق في المنطقة وفي العالم. وإنما تقع الحوادث في الشوارع الأقل سرعة لأن إدارة المرور لا تعرف “القيادة المركبية” ولا تقوم بالتوعية بشأنها.

ويبدو أن إدارة المرور والبلدية فشلت في إقناع الدراجين المتنقلين لاستخدام المسارات، والتي تنبأت بها سلفا أنها ستكون فاشلة ولا تخدم التنقل، فأصبح الحل هو إجبار الدراجين على استخدامها حتى يدعوا نجاحها، ولا أستبعد أن يظهر بحث “علمي” يقال فيه أن المسارات تسببت في “ازدياد عدد الدراجين في دبي وهذا يعد نجاحا!” فمتى يقتنع المسؤولون بأن القيادة المركبية وتعليمها للمجتمع هو الحل!

وفي مشهد يوتيوب يسأل الأستاذ خالد الصقعبي إدارة مرور دبي: كم عدد الحوادث التي وقعت فيها السيارة مع أخرى في سنة، وهل سيتم مصادرة هذه السيارات الخطرة التي تعدادها بالآلاف أيضا؟ أم أن المصادرة تصيب فقط الدراجات؟ علما بأن 25 حادثة للدراجات في خلال سنة دليل أن الدراجة آمنة، بل آمنة جدا! وأعتقد جازما أن غالبيتها تقع بسبب عدم التوعية بالقيادة المركبية.

ويصف مدير إدارة المرور “المعني بسلامة جميع أهل الطريق” بأن سائقي السيارات “يرتبكون” عند رؤيتهم لدراجة، كسروا خاطري صراحة! وأسأل نفسي هل سائق الدراجة والمشاة يشعر “بالثقة” وهو يقود في تلك الشوارع أو يقطعها؟ لكن يبدو أن لوم الضحية مستمر، وأن المرور يستمر في الدفاع بأن سائقي السيارات ليسوا مدربين على القيادة في شوارع “سريعة” فلماذا الرخصة إذن؟ وكان الأولى القيام بتوجيه سائقي السيارات بأن الطرق أمن وأمان وأن الدراجة مركبة كما في قانون المرور، وأن لها السير في الشارع مع المركبات الأخرى. وأن على السيارات توقع رؤيتها وتجاوزها بطريقة آمنة من مسار مجاور!

لكن بناء المسارات من البلدية صرفت هذه المسؤولية عن إدارة المرور! وكل هذا بسبب الدراجين “ثقافة متسابق” والتي عززت لإضعاف حقوق الدراجين وتطالب بالمسارات. وتدعي إدارة المرور بأن هذه الطرق ليست موائمة للدراجات مخالفين بذلك قانون المرور وحقوق الطريق. ومن المعروف أن الدراجين في المنطقة لا يقودون إلا في تلك الشوارع لمواءمتها للدراجات أكثر من الشوارع الداخلية المليئة بالتقاطعات. والسؤال الحقيقي هل هذه المسارات الخاصة موائمة للدراجين؟

ومن جهة أخرى يذكرنا مدير المرور بشكل أو بآخر بأن حادثة روي نصر الشهيرة قبل سنتين الأصل فيها أن سائق الدراجة هو المخطئ وأن المخمور ربما يكون له عذر في دهس الدراج. لكن بعد القرارات الجديدة، يبدو أن راكب الدراجة ملام ملام في كل الحالات. فهذه الأنظمة ستساعد السيارين في الحصول على مبررات لدهس الدراجين، فهذا لم يستخدم المسار، وهذا لم يلبس الخوذة، وهذا يقود على طريق سريع، وهذا لم يلبس فسفوري، وهذا بدون مصابيح، وهذا لم تكن هناك سيارة “سيفتي” تسير خلفه! ويا فرحة شركات التأمين! وكنت أتوقع أن تنشر إدارة المرور الأمن والسلامة بدل التخويف من استخدام الدراجة الآمنة! ثم يسأل المجتمع لماذا لا يستخدم الناس الدراجة للتنقل!

والجديد في التصريح بأن الشرطة سوف تمارس تطبيق هذه الأنظمة على مجموعات الدراجين الذين يسيرون في مواكب والتي تستخدم الطرق “السريعة” للتدرب والمتعة متهمين إياهم بأنهم يمارسون خطورة على أنفسهم وغيرهم، فما أدري كيف ستتصرف عندها وهي نفس الفرق الناشطة في دعم الرياضة، ودعم المسارات. فهل ينتبه هؤلاء إلى حقوقهم في الطريق؟

وردا على هذا الخبر من جهة ركاب الدراجات في دبي، فقد أبرزوا استياءهم إذ يقول أحدهم “كيف أسير وأستمتع في شوارع جوميرا؟” وآخر يقول “أن هذه القرارات تراجع في دبي عن التطور للمستقبل”، وآخر: “كيف أتوجه إلى العمل الآن؟ سوف أضطر إلى استخدام السيارة الخطرة!”، وآخر: “الحل هو استخدام الدراجة في المنزل”. يقول: “ماذا أفعل بمسارات في وسط الصحراء؟”. وللأسف مدير سلامة الدراجات Safe Cycle Dubai يؤيد هذه القرارات باسم السلامة.

نادي طوارق دبي داخل أحد الأنفاق نادي طوارق دبي في شارع سريع

تأتي هذه الأنظمة للتضييق على الدراجات “باسم السلامة” بعد أن قامت حكومة دبي بدعم حملة التنقل بالدراجة في شهر فبراير الماضي تحت اسم  أو  والتي هدفها التسويق لحكومة دبي دون الجدية في التنقل بالدراجات. إلا أن أصحاب الحملة لم يكونوا يدركون كيفية التنقل بالدراجة وخاصة أن #القيادة_المركبية للدراجات الهوائية تكاد تكون معدومة ولا يعرفها المسؤولون سواء من المرور أو البلدية، وقد نشر من شارك في الحملة مشاهد فيديو يتبين من خلالها أن المشروع مستحيل تطبيقه حسب ما ظهر وخاصة بقيام الناس بممارسة جميع المخالفات حتى يصلوا لأعمالهم. وقد قلنا سلفا أن الحكومة تتخذ هذه الحملة تسويقا فقط دون برنامج صحيح يدعم التنقل بالدراجة وخاصة أنها تتبنى المسارات التي تأتي ثمارها عكسا على سلامة الطريق.

 

نقاش نادي “طوارق دبي” في فبسبوك

الإمارات اليوم: حظر الدراجات الهوائية في طرق تزيد سرعتها على 60 كيلومتراً

The National.ae Bicycles banned from major roads in Dubai

Dubai Police seize 11,000 bikes from bad cyclists in just two months

About the author

مؤسس موقع الجاريات محاضر نظم معلومات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن

Related Posts

6 Responses
  1. إلى أين؟
    المرحلة التالية المشاة، حتى لا تخرج من بيتك إلا برخصة من المرور!

    هذه جريمة إنسانية، ويجب على الناس هناك مكافحة هذا الظلم.

    مقالك رائع يا حسام فعلا أستاذ.

  2. عبدالاله

    فعلا شيء مؤسف ان تصل دبي الى هذا الحال .. فبدل ان تدعم الدراجيين وتحفظ لهم امنهم وسلامتهم بجعلهم يقودون بالشوارع .. تضيق عليهم لا وبل تلزمهم باستخدام المسارات الخطرة على حياتهم ..

    مما ازعجني هي النقطه في بداية الموضوع حيث ان الدراج حين يسير في مسار الدراجات عليه دفع 500 ريال .. اما السيارة حين مشاركتها مسار الدراجين 300 ريال ..

    لكن نتمنى من دبي ان تصحح الحال والتي تكون بدعمهم لاسلوب القيادة المركبية .. ان يتحقق هذا الامل اعانكم الله يا دراجين دبي

  3. عبدالرحمن المدالله

    هذا كلام واقعي في حال كانت دبي تمنع الدراجين من التنقل فهي سالبة لحقهم في التنقل

    لا شك بأن سلامة الدراج و جميع مستخدمي الطريق مهمة

    و قد يكون بالمسارات في بعض الأحيان سلامة راكب الدراجة و قد لا يكون ذلك

    لكن لابد من وضع الحلول قبل الوصول لمنع التنقل لفعالية الحملة

    أعجبتني فقرة أن دبي تسوق للبلد و ليس فعلياً لركوب الدراجة

    دراسة حركة الدراج بأي مدينة ضرورية قبل منع الدراج من التنقل بطريق سريع أو غيره و توفير البديل أمر واجب و ليس بحق تقديم السيارة على الدراجة

  4. أقترح وضع ردود ادارة مرور دبي في تويتر وما حصل من حوار على مقالكم في التعليقات هنا

  5. shami

    اعتقد ان السكوت عن حقوق الدراجين عموما ..قد يؤدي لا سمح الله الى انتقال هذه القرارات الينا … يجب التفاعل و نشر التوعية بشكل اكبر اذا اردنا المحافظة على حقوقنا في الطريق …