كيف تتنقل بالدراجة في ظهيرة رمضان؟!

على الفطرة -سبحان الله- أجد الأطفال دائماً يتبسمون لي وأحياناً يشيرون لي بأيديهم وأنا راكب دراجتي، لا فرق في ذلك عندهم حتى لو كنت أتنقل بدراجتي في الظهر وفي رمضان، هكذا فطرهم تدلهم على أن هذا أمر طبيعي في الحياة. أما من أصابتهم لوثة ثقافة سيار، فيُجن جنونهم أن يرون أحداً في قائلة ظهيرة الصيف وفي رمضان يتنقل بدراجة!.

المسألة ببساطة وقوعهم في خطأ القياس على إدراكهم الذاتي، وهذا الإدراك نما بمرورهم بخبرات وتجارب محدودة على ذواتهم في الوسط الذي يعيشون فيه، وكل إنسان يختلف عن الآخر في مجموعة الخبرات والتجارب والوسط الذي يعيش فيه. فإدراك كل إنسان محدود بالظروف التي مر بها، وينمو ويزيد بزيادة التجربة والعلم والخبرة.

إليك هذه المعادلة ببساطة لتتوقف عن قياس الناس بناءً على إدراكك الشخصي، حتى لو أطلقت عليه وصف معقول، منطقي، أو بالعقل… كل هذه الأوصاف لا تغيير شيئاً، فيظل كل ما تقوله بناءً على إدراكك الشخصي المحدود بتجاربك وخبراتك والوسط الذي تعيش فيه، فالمعقول والمنطقي بالنسبة لك وليس بالضرورة لغيرك!.

تجربةعادة متعة

هذه هي المعادلة ببساطة، فعندما تجد سياراً يُجن جنونه من دراج يتنقل في قائلة الظهر، فحتماً تجد السيار لم يدخل هذه المعادلة؛ ولهذا تجده يتصور ذلك من قبيل المستحيل وغير المعقول! فلا اعتداد برأي شخص كهذا، فهو جاهل بالأمر، والجاهل لا يؤخذ منه!.

ليس بالضرورة أن كل إنسان يدخل هذه المعادلة أن يصل إلى نهايتها، فقد يجرب أحدهم ويجد أن الأمر لا يروق له، أو غير مناسب له، فله حقه في ذلك، ودخوله في جزء من هذه المعادلة على أقل تقدير يوضح له أن هناك شيء ممكن وربما، فتتغير عنده ألفاظ مستحيل ولا يمكن وغير معقول، والتي يُطلقها عادة الجهال والكسالى لأنه أسهل أمر يُتعلق به.

بعد التجربة تجد أناساً يتحول الأمر معهم إلى عادة، ومع هذه العادة يبدأ الجسم بالتعديل واستبدال عادات قديمة بجديدة، وهذا مايُسمى بالتكيف، وقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان والحيوان وأوجد فيه القدرة على التكيف مع الوسط الجديد. فهذا الذي أخذ أمر التنقل بالدراجة عادة، يتأقلم جسمه مع هذه التغييرات، وتُعدل أعضاء جسمه من قدراتها الوظيفية لتتأقلم مع الوضع الجديد، فيتنقل الدراج وكأن في جسمه مراوح داخليه أنشأها تكيف الوضع الجديد. 

أما إذا ما أصبح الإنسان يستمتع بما يقوم به، فهنا وصل إلى قمة المعادلة، وهي ضمان الاستمرارية مهما كانت الظروف التي تواجهه، فالأمر لم يعد عادة وحسب، بل أصبح مرتبطاً بمتعة تشعر بها جميع أعضاءه، فمن البلاهة وأنت في قمة هذه المعادلة أن يأتيك أحدهم ويقول لك: يا أخي صعب  التنقل بالدراجة في بلدنا الجو ما يساعد!.

About the author

أسكن مدينة جدة أعمل في جامعة الملك عبدالعزيز www.youtube.com/shm3hTube

Related Posts

13 Responses
  1. الأسلوب الجميل والكتابة الهادفة والرسم المعبر.. ماذا أبقيت.. ؟

    علاقة الدراجة بالفطرة من ناحية فلسفية بادرة وتحدي ثقافي وقوة في الطرح. لا يتوقف أسلوبك بانتقادك لثقافة سيار، وإنما إدراج أن هذه الثقافة بما معناه خارج عن الفطر السليمة..
    وقبل أمس خرجت للمسجد مشيا بعد الإفطار متأخرين عن المغرب، فقال قريبي ألا نركب السيارة،، فقلت له في رمضان؟ ألا تستغفر الله؟

    السعادة أو المتعة عندما تكتشف أن الحرارة لا يعني تعاسة وأن الشمس لا تعني الفقر والجهد لا يعني المشقة. استمتع فقليل من الناس اكتشف الدراجة والإنسانية.

  2. هلال

    أخيرا أكملت المقال بعد أن كانت رسومات شبه طلسمية.
    مقال رائع.
    كان بيني وبين حسام حوار حول هذا وطرحت عليه سؤالا ولم يجبني حتى الآن. السؤال طرحته بعد أن حثني للذهاب للعمل بالدراجة حتى في نهار رمضان.
    ذكرت له المسافة ١٥ كيلو من المنزل للعمل في الرياض، وسأضطر الذهاب في عز الظهيرة ١١ في هذا الصيف وأنا صائم! في غير رمضان لا يكفيني لتر من الماء، بل وفي ليل رمضان.
    لا بأس من المسافات القصيرة ربما خمس كيلو، وقد يختلف من شخص لآخر قدرتهم وصبرهم.
    سؤالي: ماهي أشق تجربة ومسافة مشيتها في نهار رمضان وانت صائم؟
    السؤال للجميع.

    1. هلال

      شخصيا كانت ٧ كيلو قبيل الإفطار وما إن أذن المغرب إلا وشربت عدة لترات من الماء 🙂

    2. تنقلي المعتاد من وإلى العمل
      الذي تغير في رمضان التوقيت، أذهب إلى العمل ضحى بين العاشرة والثانية عشرة 16 كم
      وأعود إلى المنزل بين الخامسة والسادسة مساءً المسافة ذاتها، والمجموع 32 كم.
      أحياناً يؤذن المغرب وأنا في الطريق، ومايقصرون شباب جدة أجدهم عند كل إشارة يوزعون لبن وتمر وماء بارد للسيارين والدراجين والراجلين.

      1. هلال

        أصحاب الهمم ما شاء الله قدوة.

        يبدو ممكن ولكننا اعتدنا الترف والدلع والدعة.
        يا أخي خليتني احتقر نفسي. الله يوفقك ويزيدك من فضله.

  3. اهم شي اعفاء اللحية بالصور كان واضح هههه

    الواحد وده يستعمل الدراجة بمشاويره
    لكن ضيق الطرقات
    واستهتار السائقين بارواح البشر
    ولنا تجربة مريرة بذلك كادت ان تقضي ع حياتنا
    ولكن الحمدلله على حفظه

    جعل منا الا نستعمل الدراجة الا في طرق امنه معينة للرياضه فقط
    او بالصباح الباكر

    موفقين

  4. *** معدي !؟

    تستهبل شكلك ! الحراره في الصيف توصل للخمسين درجه واكثر وانت تثرثر بتجربه ياحبيبي قال تتأقلم ترانا بشر ولسنا ضبان الحراره الشديده تجيب لك جفاف واضرار عديده وأقرأ اكثر عن اضرار الحراره المرتفعه كانك ماتعرف واذا تبي تركب السيكل بسلامتك تموت حر بس لا تقروشنا *** 😒