أليس تطالب بحقها في قيادة السيارة!

أكتب هنا والمجتمع مضطرب حول الحديث عن قيادة المرأة للسيارة، وعن “حقها“. أكتب هنا لتوضيح بعض المفاهيم والمسميات التي تغيب عن البعض. وأتحفظ برأيي عن ذكره في موقع الجاريات كون رأيي لا يغير من “الحق” شيئا.

أبدأ أولا بذكر الملخص، ويتبعه الشرح، فلا تستعجل بالحكم قبل القراءة: قيادة السيارة ليست حقا من حقوق المرأة، بل إن قيادة السيارة ليست حقا من حقوق الرجل. بل من حق الناس من ذكر أو أنثى “القدرة على التنقل” في المدينة بأمان وسلام ومن غير تكلف من جوع أو خوف أو تكلفة!

وحتى نفهم هذا الموضوع، اسأل نفسك هذا السؤال: هل تستطيع أخي أو أختي أن تتنقل في ربوع مدينتك وتنجز مسؤولياتك بأمان من غير تكلفة؟ هل تستطيع أن تذهب إلى بيت قريبك من غير أن تدفع قرشا واحدا؟ هل تستطيع أن تذهب إلى البقالة من غير خوف؟ هل تستطيع زيارة المرافق الحكومية من غير تكلفة في التنقل؟ إذا كان الجواب بالنفي، فهذا يعني أن حقوقك مسلوبة منك، وعليك المطالبة بها، فإن من حقك القدرة على التنقل من غير تكلف أو خوف. وإن كانت هناك وسيلة واحدة على الأقل توفر لك التنقل من غير خوف أو تكلفة، فقد اكتسبت حقك.

أليس تطالب بحق القيادةأليس في بلاد العجائب

ولنضرب مثالا حتى لا يفهم من الكلام غير معناه، تخيل معي أليس في بلاد العجائب وهي تعيش في مدينة القلوب، وقد وفرت ملكة القلوب ثلاثة وسائل للتنقل. الأولى كانت القدرة على المشي بسلام ومن غير تكلف بتوفير الطرق المعبدة للمشاة التي تصل بها إلى كل مكان، والثانية كانت استخدام النقل العام وكانت أسرع من الأولى وذات تكلفة بسيطة، والثالثة كانت القدرة على استخراج سيارة، فهي الأسرع وذات تكلفة عالية. إذا توفرت لأليس هذه الوسائل، فإن ملكة القلوب نجحت في واجباتها، لأنها على الأقل وفرت وسيلة آمنة ومن غير تكليف وهي القدرة على المشي.

افترض الآن أن ملكة القلوب أوقفت القدرة على المشي لحين إشعار آخر، وصادرت من رعايها الأحذية أو الأرصفة، ولم يعد هناك إلا وسيلتين للتنقل، وكل منهما كان له تكلفة. ففي هذا الوضع، يستلزم على أليس أن تطالب بحقها بتوفير وسيلة لا تكلفها شيئا ولا تتعرض فيه للخوف. وهنا قد تقرر ملكة القلوب أن تجعل النقل العام مجانيا، وبهذا تأخذ أليس حقها. وافترض أن ملكة القلوب أوقفت استخدام النقل العام، ولم يعد هناك إلا وسيلة استخدام السيارات ذات التكلفة العالية، هنا يجب على ملكة القلوب أن تجعل السيارات لمواطنيها آمنة وغير مكلفة لرعاياها. فتكلفة السيارة وتسجيلها ووقودها وغير ذلك، تتحمله ملكة القلوب.

الخلاصة: ليس من حقك قيادة سيارة أو طائرة داخل طرق المدينة، لكن من حقك التنقل من غير خوف أو جوع، بأمان ومن غير تكلفة. من هذا السياق، اسأل نفسك هل وفرت لك مدينتك وسيلة واحدة على الأقل تستطيع بها أن تتنقل في ربوعها لقضاء احتياجاتك آمنا ومن غير تكلفة؟ وتذكر أخي أن هناك من الضعفاء والفقراء من ليس له القدرة على دفع أجر سيارة أجرة، وليس له المشي أيضا، وبعضهم ذو إعاقات، وإن الذكرى تنفع المؤمنين، والله لا يحب الظلم.

 

About the author

مؤسس موقع الجاريات محاضر نظم معلومات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن

Related Posts

2 Responses