“سعيد” يدهس المشاة، والصحافة تتباكى عليه وتلوم الضحية #ثقافة_سيار

دعوني أصفق لهذا المقال الرائع الذي يجسد #ثقافة_سيار التي دمرت ما تبقى من إنسانية في طرقاتنا وسلبت حقوقنا. وصلنا لمرحلة نلوم فيها الضحية بكل يسر ما دام الموضوع لا يعنينا. خلط في الإعلام بين السلامة وبين حقوق الطريق التي تجعل القارئ حيرانا في محاولة الكشف عن الملابسات، وطَرْحٌ يستجلب العداوة من فئة تمثل أكثرية ذات نفوذ إعلامي على قطاع بسيط لا يملك إلا نفسه ولا قدرة على رد فلا تسمع لراكب دراجة أو ماشيا أو حيوانا صوتا في هذا الإعلام المنحاز. ولمن لا يعرف #ثقافة_سيار فالمقصود هو الاعتقاد السائد والمنتشر بأن السيارة هي سيدة الشارع والكل دخيل على حقها. شكرا لمن أوصلني لهذا الخطاب الإعلامي المحرض على استعداء المشاة والدراجين. المقال المنشور بقلم هدى حمد وهي كاتبة في جريدة عمان.

 «انته ما تشوف ؟!» بقلم هدى حمد

قاد سعيدٌ سيارته بأمان الله، فمرّ صبي يركب دراجة. خبط راكب الدراجة الهوائية المُسرع سيارة سعيد الذي أوشك على دخول طريق جانبيّ.  كُسرت ساق الصبي وتأذى قفصه الصدري. صرخ الصبي في وجه سعيد متألما:” انته ما تشوف؟!”
اقتادت الشرطة سعيد الذي لم يكن سعيدا تلك الليلة إلى مركز الشرطة وقضى الصبي ليلته في مستشفى خولة.
بعد تخطيط الشارع قالت الشرطة لسعيد: “لم تكن منتبها”. الطبيب في مستشفى خولة قال للصبي: “تحتاج إلى عملية تجبر لك الكسور”.

لم يكن الصبي يرتدي خوذة على رأسه ولا عدّة السلامة التي تقي مرفقيه وركبتيه من التحطم جرّاء أي نوع من الاصطدام، ورغم ذلك لم يتورع أبو سعيد عن الغضب والشتم لدى أول لقاء بينه وبين سعيد قائلا له: “انته ما تشوف

اضحك: الخوذة تحميك من حادث السيارة

شرعت الكاتبة في وصف سائق السيارة بأنه “سعيد”! لا أسعده الله. أما الطفل المدهوس المكسور، صاحب الدراجة، وأبوه فهما متجشمان غاضبان، والأب “شتّام”. تفاصيل الحادثة ليست مذكورة، وربما كانت من نوع المخلب الأيمن، دعونا نكمل هذه الأوصاف الملائكية من جهة والشيطانية من جهة أخرى التي تكرس مبدأ #ثقافة_سيار. “سعيد” يمشي بسيارته في “أمان الله”، أما الصغير الذي يقود دراجته فإنه “مُسرع”. كل ما عليك قبل النطق بالحكم هو أن ترسم صورة جميلة وأخرى سيئة لتبرر الظلم الذي يقع على صاحب الصورة السيئة.

هنا يكتشف "سعيد" الملامة

وبحسب تعبير الكاتبة، فإنها تستنكر أن يقوم الطفل صارخا بعد دهسه أن يقول “أنته ما تشوف؟” بل وتجعل هذه الجملة عنوانا للمقال وكأنها جملة منكرة وغريبة، وكأن الأصل في السيار أنه يرى! في أمريكا إذا أردت أن تتهرب من حادثة دهس راكب دراجة كل ما عليك هو أن تقول “ما شفته!” وربما هذا ما قاله “سعيد”. بل يبدو أنه كان على الطفل المدهوس المكسور الباكي أن يعتذر من “سعيد” لأنه نكّد عليه وجرح مشاعر سيارته وضيع وقته، فسعيد “لم يكن سعيدا تلك الليلة” بحسب التعبير!

وبطبيعة الوصف المذكور في المقال فإن الشرطة كان عليها لوم الصبي المدهوس وأباه! كيف لا؟ والكاتبة متخصصة في السلامة والدراجات الهوائية وتبدأ في شرح أدوات السلامة للشرطة وللمجتمع. أختى العزيزة: أجمعت دول العالم أن الخوذة خيارية وليست إجبارية. بل لا توجد دولة في العالم تفرض واقي الركب والمرفق! ولا توجد منظمة في السلامة تقول لك أن الخوذة ستحمي الطفل من سيارة “سعيد”! لكن ليس هذا المهم، المهم أن نلوم راكب الدراجة ونسوق في الإعلام أن “سعيدا” لم يكن سعيدا تلك الليلة.

تتمة المقال..

قبل سنوات اصطدم سعيد بجسد تائه قطع عليه الطريق راكضا في ليلة حالكة، عندما كان يقود سيارته بأمان الله وبالسرعة القانونية في الشارع العام المتجه من الباطنة إلى مسقط وعندما أوقف سيارته ليتعرف على الجسد الذي ارتطم به، شاهد رأس غنم يلفظ أنفاسه الأخيرة، وقبل أن يُغمض عينيه كأن به يسمعه يقول، “انته ما تشوف”، فتحمل سعيد مسؤولية الحادث.

انتبه... "سعيد" يقود سيارته

لا يوجد في العالم مثل براءة “سعيد”، فهو دائما يسير “بأمان الله” و “بالسرعة القانونية”. ومع ذلك، وأقول مع ذلك، لم ينتبه “سعيد” لذلك الجسد الذي اصطدم به في الظلام الحالك، لكن والحمدلله، سمع الصوت! ولن تستطيع أبدا أن تقنعني بعدم وجود تناقض في هذا الكلام! هذا يعني أمرين: إما أن نظام المرور قد سمح للسيار “سعيد” أن يقود سيارة بسرعة عالية جدا “تحت ظل القانون” لدرجة تجعله لا ينتبه لجسد يقطع الطريق، وهذا مستبعد، وإما أن سعيدا كان يقود بسرعة متهورة لا تجعله يستطيع رؤية الجسد المتحرك وهذا يدينه، وإما أن لا يكون منتبها أصلا للطريق الفارغ المظلم فهو ينتظر أن يظهر مصباح أحمر على الأفق حتى يتابع بجدية للطريق كمن يلعب في المذياع وينظر في الجوال وعندها يحق عليه أن نضرب عليه المثل القائل: “أنته ما تشوف؟!” الله يرحمك أيها الخروف! ويحفظ خرفان ودراجين المسلمين من “سعيد”. لكن هل انتهت مواقف السائق الرائع “سعيد” مع الحوادث؟

تتمة المقال..

نجا سعيد بأعجوبة من الاصطدام برجل أفرط في الشرب وأخذ يترنح بالقرب من الشارع  العام. ضرب سعيد بقوة على المكابح  ونجا من حادث مؤكد. وتساءل مع نفسه: “ترى لو مات هذا الرجل السكير تحت عجلاتي الآن، وهو الذي فاجأني بخروجه، فهل يُسجل الخطأ عليّ من مبدأ عدم الانتباه!”. الأمر يُشبه ما حدث لصديق سعيد عندما دهس شخصا تحت جسر عبور المشاة، فغُلط السائق، وكأن جسر عبور المشاة لا يعدو أن يكون زينة للشارع لا أكثر من ذلك ولا أقل!

قلبُ الكلِمِ عن مواضعه لا ينتهي هنا، المفروض الماشي هو الذي (ينجو) من حادث السيارة، لكن الكاتبة تصر مرتين أن “سعيد” السيار هو الذي نجا من الحادث، فقد كان الماشي خطرا على حياة السيار “سعيد”. أفهم قصد الكاتبة، لكن صيغة الجملة سيئة. هل تذكر الصغير راكب الدراجة؟ كان صارخا، وأبوه غاضبا شتاما، أما هذا الماشي فهو سكير. وهكذا يرى #ثقافة_سيار كل من يستخدم الطريق بأنه عالة على المجتمع! لهذا على الحكومة أن تمنع المشي في حالة السكر. لأن المشاة السكارى أخطر بكثير على حياة “سعيد”. أول مرة أقرأ مقالا حول السلامة يركز على لوم المشاة حالة السكر ولا يذكر الخطر الأعظم وهو السكر عند قيادة السيارة. الحمدلله أن هذا السكير كان يمشي ولم يكن يقود سيارة “سعيد”.

ولكن الكاتبة لم تكتفي من لوم المشاة هنا، وإنما أخذت تلوم رجلا مدهوسا تحت جسر مشاة. وتقصد بهذه العبارة أن أي ماشي يُدهس تحت جسر المشاة فدمه مسفوح. فما أجمل جسور المشاة، فجميع من يؤمن ب #ثقافة_سيار يطالب بها، كيف لا وهي وسبلة للتخلص من هؤلاء السكارى والاستسهاليين! كل ما عليك يا “سعيد” إذا رأيت جسرا من بعيد وماشي يريد قطع الطريق، فلا عليك، الماشي مخطئ!

وتعتقد الكاتبة أن جسر المشاة هو ما يحتاجه المشاة، أختي الفاضلة، الذي يطالب بالجسور هم #ثقافة_سيار. هذه رسالة مباشرة إلى النشطاء في حقوق المشاة بعدم المطالبة بالجسور لأنها ستكون دليل إدانة ضد الماشي وقت الحادث، والإعلام يدافع غالبا عن #ثقافة_سيار. وبمعنى آخر وجود جسر المشاة يشجع السيار على التحرش بالمشاة وهم أولى بالأرض، والله، وإنما الجسور للسيارات!

تتمة المقال..

في لحظات الانتظار وحجز سيارة سعيد في مركز الشرطة وبحثه عن كفيل، فكّر سعيد في الخطأ الذي ارتكبه. الصبي كان مسرعا ومندفعا ويركب دراجته الهوائية بلا خوذة، سعيد منشغلا بالتركيز في الشارع. كلاهما منشغل عن الآخر إلى أن وقعت لحظة الاصطدام. لكن لم تكن هنالك إشارة مرور خاصة للمشاة وللعابرين بالدراجات، كما هو شأن الدول المتحضرة. يقف المشاة ويضغطون على هذه الإشارة لتُوفر لهم مساحة عبور آمنة. قليلا ما نرى هذه الإشارات في عُمان ونحن في أمس الحاجة إليها خصوصا في الشوارع الداخلية وقرب الأسواق حيث يقطع الناس الطرقات مشيا على الأقدام. إلى جوار سعيد كان يجلس رجل آخر، تورط بالاصطدام بشاب على دراجة نارية. كان مستاءً وهو يقول: “غالبا الغلط على السائق، وليس على راكب الدراجة”. الصديق الذي جاء ليكفل سعيد قال: ” من مبدأ إنك راعي السيارة وعندك تأمين تُلقى عليك المسؤولية”.

"سعيدة" مركزة على الشارع

اضحك على شيطان “سعيد” وتصريفاته:

  • “الصبي كان مسرعا ومندفعا” الظاهر كان متجاوزا للسرعة القانونية!
  • “يركب دراجته الهوائية بلا خوذة” وكأن هذا دليل تهور أو إدانة بالنسبة للكاتبة!
  • “سعيد كان منشغلا بالتركيز في الشارع” كان بِوُدّي أصدق. لكن استحالة.
  • “كلاهما كان منشغلا عن الآخر كييييف؟؟!!! يعني “سعيد” مركزا أو غير مركز؟!

الآن عرفنا هدف المقال، بعد كل هذا بدأت الكاتبة تلقي باللوم على البلدية وكأنها المسؤولة عن المتهور “سعيد”. بل وتعتقد أن وجود الإشارة ستجعل الخروف والصغير في مأمن من سواقة “سعيد”. عزيزتي الكاتبة، “في الدول المتقدمة”، الصحافة الجيدة تلوم السائق “سعيد”! حتى في دهس الحيوان، بل سيطلب من التأمين التعويض.

وإذا كنت مستاءة أن التأمين صار سببا للوم السيار، فإنه للأسف لا يوجد تأمين على المشاة والصغير راكب الدراجة! فلربما كانت الدراجة سببا في وفاة “سعيد” بسبب حادثة الاصطدام! عزيزتي المشاة هم المستاؤون من التأمين، لأنه يجعل “سعيد” يخرج من جرمه دائما! والمشكلة تزيد عندما تأتي الصحافة وتدافع أكثر عن “سعيد”، ثم نسأل أنفسنا لماذا شوارعنا الأكثر خطورة في العالم!!

تتمة المقال..

هذه الحادثة التي وقع فيها سعيد دفعتني لأتساءل، ألا يوجد قانون يُنظم قيادة الدراجات في السلطنة؟ وفي مناقشة ودية مع بعض ممن يمارسون المحاماة قال لي بعضهم: “الادعاء العام غالبا في حوادث كثيرة يعتمد على مادة قانونية وحيدة، وهي المادة رقم 50 من قانون المرور والتي تنص على مُعاقبة كل من يقود مركبته من دون ترو وبطريقة خطرة تُعرض الآخرين للخطر”. ولكن يمكن أن يأتي الخطر بصورة عكسية من الدراجة الهوائية أو النارية التي تُربك حركة السير في ظل عدم وجود أماكن مخصصة لسيرها.

كنت أتمنى أن تسألي عن قانون ينظم قيادة السيارات في السلطنة التي قتلت 3000 في عام 2010 حسب التقرير التالي. قبل الشروع في الاستفسار عن قانون ينظم الدراجات والمشاة الذين لا يؤذون أحدا إلا راحة “سعيد”، إليك هذا المشهد الذي يرسم لكم العدو الحقيقي للسلطنة حفظها الله من ظلم السيار “سعيد”. (المشهد مليء بالحوادث، تستطيع تجاوزه لما فيه من المآسي بسبب السيارة التي دهست الأخضر واليابس والحيوان وسيارات مثلها).

موقع الجاريات قد يحوي بعض أنظمة المرور والدراجات في منطقة الخليج، للأسف لا أملك ردا دقيقا على سؤالك حول أنظمة الدراجات في عمان، وأتمنى الحصول على نسخة من نظام المرور في السلطنة. لكني أميل إلى الاعتقاد أن السلطنة قوانينها أفضل من غيرها من دول الخليج. ولكن الملخص في الغالب أن الدراجة مركبة ولها حقوق المركبة عادة. وبمعنى آخر فمن حق الدراجة أن تسير في شوارع المركبات من غير وجود مسارات خاصة، ولا حاجة أصلا للمسارات الخاصة! وبالنظر إلى المادة الخمسون فقط، فهذا يشير بدلالة واضحة أن المقصود هو المركبة الآلية، لأن الدراجة الهوائية لا تستطيعين قيادتها بطريقة متهورة أصلا، فضلا أن راكبها يخاف على نفسه بالأصل، بخلاف السيار “سعيد” المرتاح ومتكئ على الكرسي والمركبة ذات العجلات الأربع المتوازنة والذي يجعله غالبا لا يهتم إلا بهيكل سيارته من الخدش! ليست هذه المشكلة، المشكلة عندما يدعي السيار أن الدراج كان مسرعا! أو أنه ظهر فجأة أمامه! كن مسؤولا ولو مرة في حياتك يا “سعيد”!

أما من ناحية المشاة فإن من حقهم جميع أجزاء شوارع المدينة والأحياء دون استثناء ما عدا البنى التحتية التي خصصت للمركبات ذات السرعة العالية الواقعة غالبا بين المدن. فحقوقيا، فالماشي أولى في شريعة الإسلام من السيار. وإن كان الماشي سكيرا ويترنح، فهذا يعني أنه يعرض نفسه للخطر بسبب وجود السائق “سعيد” الذي لا ينتبه للمفاجآت وهي مسؤولية تقع على عاتق السائق بحسب نظام المرور. تمهل وافتح عينك و “توقع غير المتوقع” كما يقال. والكثير من حالات الدهس تقع بسبب أن السائق لا يتوقع مرور المشاة أو الأطفال. وهذا في الأصل يدينه لأنه ليس أهلا لقيادة هذه المركبة الخطرة. فمرور الأطفال والمشاة أمر وارد!

تتمة المقال..

إن كان هذا الكلام صحيحا، فإن ذلك يؤدي إلى مشاكل من نوع آخر، تساهل أولياء الأمور وراكبيّ الدراجات، فهم غالبا لا يخسرون شيئا، بل يحصلون على تعويض.
القضية ليست قضية تأمين وتنتهي القصة، وإنما حكاية استسهال. أولياء أمور يهملون أولادهم في الشوارع من أعمار صغيرة على الدراجات الهوائية بدون وسيلة وقاية، ومن ثم بكل سهولة يقولون لك، “انته ما تشوف؟!”. يخرجون لك كما يخرج العفريت من مصباح علي بابا بمجرد أن تدخل الشوارع الداخلية، وما أكثر الدراجات اليوم.
أظن أننا بحاجة إلى قانون صارم يُعاقب من يركب الدراجات بدون عدّة السلامة، قانون صارم لا يُلقي التهمة على صاحب التأمين لمراعاة المجتمع، لأنّ الاستسهال ولّد مشاكل مضاعفة لدى الأهالي ومستخدمي الدراجات. نحن بحاجة إلى إشارات مرور للمشاة وللدراجات في المنعطفات وفي الأسواق تُعلمنا النظام.

الجميع ملام بالنسبة للسيار

إذا كان المقال يلوم راكب الدراجة والحيوان والإنسان والمشاة ويدافع عن “سعيد”، فلا غرابة أن ينتهي المقال بلوم المجتمع كله من أجل راحة “سعيد”. بل لا يقف ذلك عند اللوم، بل أصبح أولياء الأمور في نظر الكاتبة ماديّون يطمعون في التعويض ويضحون بأطراف وحياة أبنائهم! “سعيد” سيلوم الطفل، ووالد الطفل، وأمه، وإخوته الذين يلعبون معه في الشارع، “كيف تتركون أطفالكم من غير رعاية؟” ويلوم البلدية، والمرور، والشرطة، والمقاول الذي زفلت الشارع، والسيارة التي حجبت عنه الرؤية، وسيلوم زوجته التي كان يتعارك معها في السيارة، ويلوم الشمس التي كانت توجه أشعتها عينه، لكنه أبدأ لن يلوم نفسه وهو يلعب بالجوال!

لا تحوري الموضوع، “الاستسهال” هو استسهال “سعيد” ومن يقف وراءه فقيادته للسيارة هي وسيلة القتل في مدننا. وهو الذي يتساهل عند القيادة. لا يوجد ماشي يقطع الطريق متساهلا، بل يقطعه وهو خائف مرعوب، لا يوجد راكب دراجة متساهل، فهو يخاف من السائق “سعيد” دائما الذي لا ينتبه ولا يأبه ويكلم بالجوال بل ويفتح نافذته ليصرخ على راكب الدراجة أو يضغط عليه البوق، وبعد ذلك يقول: “ما أدري من أين خرج هذا العفريت!!” مسكين راكب الدراجة، أصبح عفريتا، أما “سعيد”، فهو من عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا!!

اعلمي حفظك الله، أن الشوارع الداخلية في الأحياء من حق المشاة والأطفال، بالرغم من الاعتقاد السائد أن الشوارع للسيارات. من حق الأطفال في الشوارع الداخلية أن يمشوا ويلعبوا فيها، ولا يسلب منهم هذا الحق إلا ظالم يعتقد أن مكان الأطفال هو “بلاي ستيشن” في البيت!

ولو كنت تحبين أدوات السلامة، فحبذا التركيز على أهم شيء يقتل المجتمع وهو منع السيارات من دخول الأحياء بتاتا. فإذا لم تستطيعي، فطالبي بمنع الجوالات (الهواتف النقالة) فإذا لم تستطيعي، فامنعي المسكرات، فإذا لم تستطيعي، فاسحبي رخصة “سعيد” فمقالك دليل إدانة ضده. أما أن تطالبي بأدوات السلامة على دراجة فلا أعتقد أنها ستحمينا من “سعيد” وأمثاله الذين يمثلون خطورة على المجتمع. ف”سعيد” أكثر من يقتل في بلادنا. وأخيرا إن من يحتاج فَهْم النظام هم السيارون، ولكن أكثر الناس لا يعلمون!

وللعلم، فإن الأطفال هم ثروتنا وعلينا أن نمكن لهم الأرض، لا أن نحرمهم منها، وتذكري أن قدمي الطفل وسيلة تنقل أعطاها الله حقا للجميع لا يسلبها إلا ظالم، أما “سعيد” فلا يحق له قيادة السيارة إلا ب “رخصة” يعطيها له ولي الأمر، بإذا كان ليس أهلا لها وبها يدهس ويقتل الناس أو حتى يستخدم البوق ليزعج المارة فمن المؤسف أن يكون حاملا لرخصة، واللوم على من أعطاه إياها. لكنك لن تستطيعي لوم من أعطى ذلك الطفل القدمين!

أعتذر إن كان الأسلوب الساخر قد ضايق القارئ، لكن المشاة وركاب الدراجات والحيوان لا أظنهم سعداء بمقالك. ولن تستطيعي أن تعالجي مشكلة السلامة إذا كان مكتبك يقع خلف المقود! حاولي النزول إلى الشارع ومارسي التنقل مشيا أو بالدراجة لتعرفي “سعيدا” على حقيقته!

About the author

مؤسس موقع الجاريات محاضر نظم معلومات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن

Related Posts

4 Responses
  1. مقال جميل حسام.
    ياليت لو تضبط المحاذاة من الطرفين ووضع الخط على مقاس 16 لأن الحالي صغير.
    جميل أيضاً تصغير الصورتين الأولوين لتنضبط وتتناسق مع النص.
    وفقك الله