قصة د. صالح الأنصاري بدراجته إلى عمله في شوارع الرياض

أترككم مع المقال الذي نُشر في موقع مركز تعزيز الصحة، بقلم د. صالح الأنصاري:

بعد تجربتي مع النشاط البدني وخبراتي في نشر ثقافة رياضة المشي من أجل الصحة، جذب انتباهي شباب اهتموا بنشر ثقافة الدراجة، ليس فقط في بعدها كرياضة لتعزيز الصحة، بل على أنها ثقافة لا بد أن تنتشر في السعودية ودول الخليج لأسباب تتعلق بالاختناقات المرورية وتخفيف العبء البيئي، إلى غير ذلك من المبررات. وفي مطلع العام الميلادي بدأت في ممارسة ركوب الدراجة في رحلات ترفيهية. ولكني أقف في هذا المقال مع تجربتي في استخدام الدراجة في العاصمة كوسيلة مواصلات.

صالح الأنصاري مستعد للانطلاق للعملركبت دراجتي تاركاً سيارتي اللكزس، وأنا أقول في نفسي كم سأوفر من البنزين في مشواري هذا، وكم سيتوفر لو ركب مئات الآلاف في العاصمة الدراجات وصولاً لأعمالهم. وفي الطريق أحسست بالغربة وأنا أقود دراجتي بين السيارات الفخمة، وبين نظرات السائقين الآسيويين على الإشارات، ونظرات من يركب معهم. مع أن دراجتي ليست عادية بل من أفخم ما يمكن أن تركبه على أرض أسفلتية.
عندما مررت على كاميرات ساهر كنت أشعر بالراحة لأن كاميرات ساهر قد يكون لها دور في حمايتي ممن يقطعون الإشارات، إلا أن مصدر الراحة الآخر كان أنني لن تصلني رسالة من ساهر بسبب مشواري بالدراجة حتى في الحالات “الرمادية” (وما أكثرها) التي جعلت فاتورة ساهر تصل في يوم من الأيام لأن ادفع أكثر من 18,000 ريال في يوم واحد. ويبدو أن “ساهر” سيكون أحد أكبر الخاسرين من انتشار استعمال الدراجة في تنقل الموظفين من وإلى أعمالهم.

موقف صالح الأنصاري لدى مكتبهوعندما مررت على محطة البنزين، قلت في نفسي شكراً لا احتاج وقودكم، وسأستخدم الجلوكوز الذي أتناوله في الغذاء، ولن يوفر ذلك بعض الأموال فقط، بل سيسهم أيضاً في عدم ارتفاع نسبة السكر في الدم، وهو ما يعاني منه حوالي 30% من سكان الخليج.
في أحد مشاويري من شرق الرياض إلى الملز بالدراجة أتوقف عند عدد من الإشارات مخترقاً صنوف السيارات الواقفة بانتظار الإشارة، إلى أن أقف أول الصف تحت الإشارة لأنطلق مع أول المنطلقين. ومع أن اختراقي لصفوف يوفر علي بعض الوقت، إلا أن السيارات المنطلقة ورائي تسبقني نحو الإشارة التالية لألحق بها من جديد إلا أن المحصلة تجعل مشواري من البيت إلى المكتب لا يختلف في المدة عند مشوار السيارة. أما في ساعات الذروة فستكون دراجتي أسرع في الوصول إلى العمل من السيارة.

عند أحد الإشارات، رأيت سيارة مرور ورجل مرور، فتساءلت في نفسي .. هل من حق رجل المرور أن يطالبني باستخدام خط الخدمة أو يسمح لي بمشاركة السيارات مساراتها الرئيسية؟ وهل سيسألني عن خوذة الرأس؟ وهل يعرف رجل المرور النظام الذي يخص الدراجات؟ وهل تلقى تدريباً في هذا المجال؟ ولو وقعت معه في نقاش، هل أقول له إني أستاذ مساعد في طب الأسرة والمجتمع سعودي أم أتركه مع اعتقاده الأولي بأنني وافد لا يستطيع توفير قيمة سيارة أخرى تضاف لتعداد سيارات العاصمة.

أما سائقو السيارات من خلفي ففي الحقيقة أنهم يشكلون مصدر خوف! .. إما من أحدهم الذي يطلق البوق المفزع من خلفي. أو الآخر الذي يشكل مصدر خوف أكبر، فهو ذلك الذي لا يطلق بوق سيارته فأسأل الله أن يكون يراني مع صمته ذلك، وهذا يدعوني لأفكر !! هل الدراجات تظهر في “رادارات” السائقين بسبب ندرتها أم أن كل سائقينا مبرمجين على الانتباه للسيارات فقط.

صالح الأنصاري ودراجتهبلغ بي الحماس للدراجة وربطها بأهمية تسهيل حركة المشاة في مدننا، فتواصلت مع بعض المسؤولين في المرور وعرضت عليهم بعض الأفكار حول دور إدارات المرور في جعل التنقل بالدراجة في العاصمة أمراً سهلاً، وتحدثت معهم عن تدريب رجال المرور، وعن إعادة النظر في إشارات المرور ذات العلاقة بالمشاة وراكبي الدراجات وإعادة النظر في قانون المرور ليكون “مناصراً” للمشاة والدراجين ومنافحاً عنهم أمام سائقي السيارات، إلا أنني سمحت لنفسي أن استنتج من تواصلي هذا أن الدراجة لا زالت في نظامنا المروري تتراوح بين كونها لعبة للأطفال أو وسيلة لانتقال العمال في شوارع الأحياء الداخلية. وقد لا يكون لها مكان كوسيلة تنافس سيادة السيارات على شوارعنا.

أعود لرحلتي على الدراجة في عاصمة العرب لأروي لكم تندر بعض “المثقفين” برحلاتي هذه في العاصمة مع أنها تلقى يعض الإعجاب بين مجموعات الدراجات الشبابية المتنامية والقادمة بقوة في تويتر لأقول ختاماً. إن رحلة دراجتي ورحلات الدراجين المهتمين أمثالي ستتنامى باستمرار ولكن ببطء في مواجهة العديد من العقبات التي تجعلني أضطر لاستخدام سيارتي اللكزس في مشاويري إلى العمل ولو إلى حين.
أتمنى للجميع الصحة والعافية،،،
د. صالح بن سعد الانصاري
أستاذ مساعد في طب الاسرة والمجتمع
المشرف العام على مركز تعزيز الصحة
@SalihAlansari

About the author

مؤسس موقع الجاريات محاضر نظم معلومات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن

Related Posts

2 Responses
  1. saud

    من يذهب إلى بلد متطور مثل اليابان او هولندا بالخصوص يرى أن الدراجة والدراية النارية أصبحت الوسيلة الأفضل للحريصين على أوقاتهم واللذين يخشون الوقوع في فخ الزحام المروري.. أما نحن .. بعيدين ان نصل إلى هذا الوضع والتنازل عن الشكليات من أصعب الأمور علينا فهي قيود تثقلنا عن الانعتاق أن نتواضع وان نكون عمليين ونفككر في شيء اسمه البيئة

    1. شارك حملة #أنا_أتنقل_بدراجة

      تابع قناة الجاريات..

      يوجد الكثير هنا من يفعل.. لا داعي للمقارنات. فنحن أيضا نعشق الوقت..