في نقاش جميل في تويتر، اكتشفت وجود شريعة تصوّرية لحقوق المشاة غير مفعلة حسب ما يبدو في نظام مرور لبنان الجديد وهي بادرة طيبة وسابقة حتى لأنظمة المرور في الخليج. وبالرغم من جمالها وخاصة لمحاولة وصولها حقوقيا وإنسانيا إلى مدن الدول الأوربية بالخصوص والتي تعتني بحق المشاة، إلا أنها تدعو في سياقها إلى ظلم لحقوق المشاة بشكل أو بآخر وخاصة لكونها ضمن قانون المرور اللبناني، راجيا من الله أن يساعدنا على تصحيح وضع حقوقنا في طرقنا.
وستلاحظ أن هذه البنود لا علاقة لها بقانون السير، وإنما توجيه شمولي، كما يبدو، لتوجيه البلدية وإدارة المرور ووزارة الطرق لصناعته عبر الأجيال والأزمان فاقدا في وسطه ذكر ما هي الحقوق التي يجب أن يتمتع بها المشاة اليوم.
الشرعة اللبنانية لحقوق المشاة
1- للمشاة الحق في العيش في بيئة صحية ، وحرية التمتع بمرافق المساحات العامة تحت أوضاع تؤمن حسن حالهم وراحتهم من النواحي المادية والنفسية .
2- للمشاة الحق في العيش في مراكز مدنية أو قروية موائمة للاحتياجات الإنسانية ، وليس الاحتياجات للمركبات الآلية ، وأن تتوفر المرافق ضمن مسافات المشي أو الدراجات . ّ
3- للأولاد والمسنين والمعوقين ، الحق في التطلع بأن تكوف المدن أماكن للاتصال الاجتماعي الميسر ، وليست أماكن تفاقم نواحي الضعف فيهم .
البنود 1-3: استبدال لفظة المشاة بالناس أفضل،ولا علاقة للبنود بحقوق المشاة في الحقيقة، وإنما حقوق الناس بالمجمل. المشاة لا يعيشون، الناس هم من يعيش! إعادة هذه الجملة ووضعها في خارج قانون السير في بنود تخص توجه البلدية هو الأصل.
إن كانت هذه البند توجيها لمزيدا من التحسين فلا بأس! لكن بمفهوم المخالفة، هذا البند يشير إلى أن واقع لبنان اليوم ليس مناسبا لكل هؤلاء، وقد يستخدم في ظلم من يستخدم المدينة على وضعها الحالي. فإذا قطع الطريق أحد المعاقين وأصيب بأذى، فإنه ملام لأن المدينة لم تيسر التواصل الاجتماعي بعد!
4- للمشاة الحق في مناطق حضرية مخصصة لهم ، وعلى أكبر قدر ممكن من المساحة، وليس فقط مجرد مساحات مخصصة للمشاة ولكنها متجانسة مع تنظيم المدينة الشمولي.
هذا البند يشير بوضوح إلى منع المشاة اليوم من الطرق حتى تتوفر “البيئة المخصصة”. والأصل أن يكون البند على الشكل التالي: إذا لم تتوفر البيئة الحضرية للمشاة، فإن للمشاة استخدام الأرض بما فيها من معوقات، وعلى الوسائل الأخرى الانتباه ومراعاة ذلك.
5- للمشاة الحق في الحركة الكاملة بدوف عوائق ، والتي يمكن تحقيقها من خلال الاستخدام المتكامل لوسائط النقل . وبشكل خاص لهم الحق في التطلع إلى :
ليت البند توقف عند أول جملة، لكنه يحصر حركة المشاة في واقعنا اليوم للأسف ويضع شرطا لتحقيق الحركة الكاملة عبر وسائل نقل عام أخرى، وهذا ليس حفظا للحقوق، وإنما تضييق وظلم. ويستخدم كلمة “التطلع” والتي تفيد بأن المشاة لا حظ لهم اليوم شيئا في لبنان الحبيبة. وبقية الأوصاف، إنما هي اعتراف بأن الطرق ليست للمشاة حتى تحقيق هذه المآرب!
أ – نظام شامل للنقل العام ، محابي للبيئة، ومجهز تجهيزا جيدا يؤمن حاجات جميع المواطنين ، بمن فيهم من لديهم إعاقة .
ب – أرصفة مخصصة لتنقل المشاة خالية من جميع العوائق وصالحة لتنقل من لديهم إعاقة .
ج – تأمين ممرات آمنة لعبور المشاة بين جانبي الطرق ، خاصة السريعة منها.
د – تأمين مرافق للدراجات في جميع المناطق المدنية .
هـ – مساحات لوقوف السيارات والمركبات الآلية، في مواقع التي تؤثر على حركة المشاة والتي تضعف قدرتهم على التمتع ً بالمناطق المميزة . معماريا
ولإعادة صياغة ما نريد الوصول إليه، ينبغي أن تكون السياسة واضحة لحماية حقوق المشاة من الآن بغض النظر عن واقع الطرق اليوم حتى يتوقف هدر دماء المشاة، وبهذه الطريقة سوف تعاد هندسة المدينة لتتوافق مع بيئة الحقوق والتي بدورها ستعيش لبنان في بلد يحفظ الحقوق عوضا عن التفكير في تطبيق “القانون”!
بند الجاريات: للمشاة الحق في المشي من أي مكان لأي مكان حتى لو لم تتوفر بيئة مناسبة للمشي، وعلى المستخدمين الآخرين مراعاة ذلك وعليهم المسؤولية كاملة.
فإذا لم تتوفر البيئة المناسبة للمشاة، مثلا لا يوجد رصيف، فإن الأصل أن الطريق كله للمشاة وليست للمركبات، وعلى المستخدمين الآخرين مراعاة ذلك والاستئذان من أي ماشي يسير على الطريق، وعلى السائقين المطالبة بحقوق خاصة لهم بعيدا عن حقوق المشاة الأصيلة في الأرض. وهذا سيجعل المشاة بعيدا عن مشكلة المطالبة بحقوقهم وبالأرصفة الخ.. ويجعل أصحاب المركبات هو من يطلبون تراخيصا وطرق خاصة.
فإذا كان الأوتوستراد (الطريق السريع باللهجة اللبنانية)، مثلا، يمنع المشاة عن التجاوز بشكل آمن وسالم، فإن ذلك لا يمنع المشاة حقوقيا من تجاوزه على الأرض، وعلى المستخدمين كالسيارات مراعاة ذلك وهم مسؤولون عن مشاعر المشاة.
وقد يأتي البعض ليطلب جسورا للمشاة من فوق الأوتوستراد. هذا سيكون منافيا للبند رقم 1 و 2 في الشرعة اللبنانية لحقوق المشاة! وإنما عليك أن تطلب جسرا للسيارات من فوق المشاة، أو نفقا تحت الأرض، حتى تراعي حق المشاة.
هذه المرأة لا تريد كسر القانون، ولا تريد إزعاج الناس، بل هي تريد التجاوز مع طفلها من طرف لآخر بأمان! وعلى السائقين أن يتركوا جوالاتهم ويركزوا في الطريق وأن يهدئوا السرعة، لأن الكثير من المشاة محتاجون إلى قطع الطريق أكثر منك يا سائق السيارة، ويفعلون ذلك بكل خوف وريبة، ويقطعون الطريق الإرهابي اضطرارا. أعانهم الله، وأنت يا سائق السيارة تستمتع بالراديو!
المأساة أن البلدية أو وزارة الطرق يضعون الحواجز وسط الطريق ليس لسلامة المشاة في الحقيقة، وإنما هي إشارة أن أي عملية دهس في هذا الطريق سيكون الحق مع المركبة وليس مع المشاة. ولا حول ولا قوة إلا بالله. بل يتحججون بوجود مسار خاص فوق الأرض يسمى جسرا، لهذه المرأة لتصعده!
ملاحظة سيتم تحديث الوصلات لقوانين مرور البلاد العربية في جانب الموقع، لأن موقع الجاريات يحتوي على اقتراح “تعديل قانون السير اللبناني” ويبدو الجديد هو التحديث، وشكرا لمن أوصلني إليه.
إذا فهمنا أن للماشي الحق المشي من أي مكان، فلا يجوز قطع طريق المشاة بالمركبات، يجب أن تبنى طرق المركبات بطريقة لا تزعج الماشي. الكلفة تكون على اصحاب المركبات وليس المشاة.
أشعر أنها وقاحة عندما يقول سيار لماشي اعبر الشارع من جسر المشاة أو خطوط المشاة!!! كالمحتل الذي يتسلط ويتحكم في أصحاب أهل البلد.