تسير الدراجة بسرعة 15 – 30 كلم في الساعة على المتوسط، وهي أقل من سرعة الطريق السريع عادة، فهل يستحق راكب الدراجة مخالفة عرقلة سير تحت طائلة مخالفة “التباطؤ في السير على نحو يعرقل حركة السير”؟ يسأل السائل..
الإجابة المختصرة في أربعة أي منها يكفيك للرد على الشبهة:
- الدراجة جزء من حركة السير
- والتباطؤ يختلف عن البطء
- والمخالفة تخص المركبات ذات المحرك!
- لا تطبق على نهر الطريق متعدد المسارات!
رمتني بدائها وانسلت
وللتفصيل، ينبغي شرح بعض التعاريف اللازمة لتكون الإجابة واضحة، بعيدا كل البعد عن المعلومات الدارجة المنتشرة لدى #ثقافة_سيار. فالغالبية يرى أن الطريق للسيارات، والشاحنة البطيئة تعرقل السير، والسيارة التي تسير أبطأ مني تستحق مخالفة، “كبست عليه وما وخر”! وبالرغم أن أكثر ما يعرقل حركة السير هي السيارات، إلا أن البعض يريد رمي دائها على دراجة لا تأخذ من الطريق شيئا. متجاهلين معنى “الطريق” و”عرقلة السير” و”حركة المرور” كمثال.
حركة السير: هو دراسة تدفق حركة المرور بدراسة تفاعلات مستخدمي الطريق (بما في ذلك المشاة وراكبي الدراجات والسائقين ومركباتهم) والبنية التحتية (بما في ذلك الطرق السريعة، لافتات، وأجهزة مراقبة حركة المرور)، وذلك بهدف فهم وتطوير حركة النقل المثلى وتطوير شبكة مع حركة فعالة من حركة المرور والحد الأدنى من المشاكل الازدحام المروري.هي حركة مجتمع منتفعي الطريق من مشاة وركاب دراجات وسائقي سيارات وعربات حيوانية عن طريق التفاعل في ما بينها بما يحقق الانتفاع المشترك. (ويكي)
لذلك فإن الدراجة لا تعرقل حركة السير، الدراجة جزء من حركة السير، والسيارة جزء من حركة السير. إن تخصيص المخالفة لمركبة معينة يطعن في نظام المرور وفي البند 50 الذي يضمن أن الطريق للجميع. وبالكلمات البسيطة، الطريق للجميع وعلى المستخدم مراعاة الآخرين.
السلحفاة والأرنب!
مخالفة “التباطؤ في السير على نحو يعرقل الحركة” مخالفة 8 جدول 4 من نظام المرور.
ثانيا: المخالفة بذاتها تشرح مفهوم عرقلة السير وتحصرها في تعمد التباطؤ وهو أمر اختياري يستخدم مثلا عند رؤية شيء في الطريق (قمرة ساهر)، أو من يتباطأ ليتحدث مع سيارة أخرى متباطئة لنفس السبب، أو لأي سبب آخر. والفرق واضح بين المركبة البطيئة مثل الشاحنة والدراجة وبين تعمد التباطؤ كما تفعل ذلك السيارات دائما. عدم التفريق بين البطء والتباطؤ يظلم #حق_الطريق، والبند 50. ويلحق بها من يتسارع ويتباطأ ليجد نفسه واقفا وسط تقاطع بسبب زحام في الطريق الذي ينوي الدخول فيه معرقلا سير الحركة المرورية القاطعة!
“يحق للدراج ما لا يحق لغيره!” – حسام الملحم
ثالثا: وبتصفح أنظمة المرور العالمية، نصل إلى السبب الثالث في كون هذه المخالفة لا تنطبق على الدراجات كونها ذات طاقة بشرية، فإن التباطؤ فعل لا يمارس عادة إلا مع المحركات ذات القدرة الهائلة في التسارع والتباطئ المفاجئ. قانون فلوريدا مثالا
“تكبيس”
رابعا: وبالرغم من انتشار ثقافة “التكبيس” بمفهوم “أنا جاي وراك وخر عن طريقي!” يظن بذلك أن الطريق حق للأسرع، تحت ذريعة عرقلة السير من السيارة التي تسير أبطأ، فعليا، لا يتم تطبيق نظام العرقلة على طريق فيه مسارات متعددة ويوجد نظام واضح في كيفية تجاوز المركبة الأبطأ في الطرق المتعددة المسارات! وكما تم توضيحه في سياق آخر، نظام المرور يتحدث عن الطرق رايح جاي في 99% من بنوده! ولا يخفى أن التكبيس إرهاب في حد ذاته وما يتبعه من متابعة والتصاق وجرائم.
قضايا محلية
وقع في هذا الخطأ أساتذة السلامة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن المتداولة، إذ حجزوا جاريتي بتهمة عرقلة السير، علما أن طرق جامعة الملك فهد محكومة ب 50 كلم، وكنت أسير بسرعة 40 كلم! لم تكن الجامعة متعودة على رؤية دراجة تسير وسط نهر الطريق والأستاذ المشتكي “اضطر” لتغيير مساره عند التجاوز مدعيا “لا أستطيع التجاوز من نفس المسار” وكأن ادعاءه يدينني، وهو يدين نفسه بجهله بالقيادة المركبية وحق الطريق. أتركك لتخيل المسرحية التي حصلت، حتى استرددت جاريتي من الحجز الظالم عبر المحكمة الإدارية، أتركها لمقال آخر. أحد المصادر
قضايا عالمية
قضايا عرقلة السير في أمريكا منتشرة، وغالبا يتم ردها سواء مباشرة في مركز الشرطة أو وقت الاستيقاف، أو ترد عند وصولها للمحكمة، لكن من أبرزها قصة “شيروكي” المرأة المكافحة، في ولاية “كنتكاكي”، التي تعيل طفلين واضطرت للبحث عن وظيفة وبيع سيارتها والتنقل بالدراجة، ولسلامتها تعلمت القيادة المركبية، وأصبحت تتنقل لمسافة 60 كلم يوميا، واتهمها المرور والمجتمع بأنها تعرقل السير. وبعد طول استئناف فازت في القضية لكن طلب منها أن تتنازل عن حقها في ذاك الطريق لمدة سنتين حفظا لماء الوجه لرجال المرور! تخيل #ثقافة_سيار وقدرتها على حرف البوصلة!
سؤال أخير!
إلا أن البعض من #ثقافة_سيار التي تعتقد أن السيارة جزء من الحياة المدنية قد يأتي بشبهة السرعة الدنيا، كأن تكون سرعة الطريق 120 القصوى، و 40 كلمس كدنيا، فهل نستطيع محاسبة راكب الدراجة على ذلك؟ وبالرغم أن السرعة الدنيا تطبق في طرق السفر عادة وليس الطرق السريعة داخل المدينة، إن دل ذلك دل على الالتفاف على نظام المرور الأساس وحق الطريق بوضع طريق خاص فيه صفات خاصة دعما لمركبة معينة.
فالإجابة: لا يوجد في طرق المدينة عادة سرعة دنيا، فحتى “خريص” و”الدائري” كونها داخل مدينة الرياض فلا يوجد فيهما سرعة دنيا كما هو معلوم، وأن أي طلب لوضع سرعة دنيا في هذه الطرق هو حرمان لمستحقي الطريق الآخرين الأصليين فضلا أن ذلك يسير عكس رؤية أنسنة المدن، فالتخصيص لا يكون في أصل الطريق وإنما إضافة لطريق خريص يصنع له دور ثاني خاص للمركبات ذات السرعة الدنيا ويبقى حق خريص الأصل للجميع. فإن قلت سنصنع طريقا خاصا للدراجات من فوق، قلنا كيفك لكن لن يسقط حق الدراجة في الطريق الأساس ولن تستطيع تخصيصه لأنه ما زال الأسهل للدراجة. بمعنى اصنع طريقا خاصا للسيارات السريعة “كوبري” فوق طريق خريص للسرعة وهذا هو الأصل لمعالجة مشكلتك، واترك الطريق الأصلي للدراجات وجميع المركبات وشكرا، فالطريق الأصل فيه للأضعف كما هو معلوم! بمعنى أن راكب الدراجة سيستخدم الطريق الأقرب والأسرع له وله حق فيه، واصرف بضاعتك عنا.
لكن هولندا والدول المتقدمة تصنع جسورا للدراجين، الرد من هنا.
“ياخي لا تكون أناني!”
فإن قيل أن ذلك من أجل سهولة حركة السير ومنتفعي الطرق على المجمل وأنهم الأكثرية، فالرد بأن طرق المدينة مثل خريص والدائري دائما مزدحم وقت الذروة والسرعة القصوى عمليا فيه 30 كلم في الساعة! مشكلتك أخي الفاضل ليس في السرعة الدنيا ولا “ذاك السيكل” بل في منظارك، ويبدو أنك لست أهلا لمعالجة مشاكل الزحام! وسرعتي في الحقيقة تتخطى سرعة السيارات التي تعرقل سيري كل يوم في شارع خريص ولا أدري متى تبدأ في مخالفة هذه السيارات التي تعرقل سيري كل يوم!
حتى التباطوء المتعمد الذي يؤدي إلى عرقلة السير لا يجوز أن يطبق إذا كان هذا التباطوء لدواعي إنسانية أو أمنية أو للسلامة.
إن هذه المخالفة بهذه الصيغة الحالية تساهم وتحرض على العدوان والاستهتار بالأرواح. وأحمل المرور أو الجهات التي وضعت هذا البند مسؤولية الأرواح التي تزهق أو الحوادث بسبب هذا البند الجائر.
وكما هو ملاحظ أيضا من المنقول عن الويكبيديا فيما يتعلق بحركة السير، فالملاحظ أن الأهداف تتعلق منع الازدحام وتفعيل وتسريع الحركة دون وضع أي اشتراطات أمنية أو سلامة أو انسانية!!
أشكرك حسام على مقالك الرائع ودائما مبدع
مقال جميل استاذ حسام قد يخلق الكثير من الجدل لكنه بوابه لفهم حقوق الطريق من منظور انساني، وهذه اول خطور لتصحيح المفاهيم الراكده بالمجتمع.