تقول المادة الخامسة والخمسون في نظام المرور في المملكة الصادر 1428:
المادة الخامسة والخمسون: على المشاة السير في الأماكن المخصصة لهم، وفق ما تحدده اللائحة.
هذه أول مادة تتحدث عن حقوق المشاة في نظام المرور، وهي تأتي بعبارة التقييد لحرية التنقل التي كفلتها شريعة الإسلام للمشاة. هل ترى المشكلة في الجملة السابقة؟ هل مشيت على أرصفة المشاة؟ ألا ترى التقاطعات الكبيرة التي لا تسمح للمشاة بقطعها؟ ألا تسمع عن حوادث الدهس المنتشرة؟ ألم تعرف السبب بعد؟ إنها الجملة السابقة.
المادة الخامسة والخمسون في نظام المرور تجعل المشاة مقيدين للسير في أماكن محددة، ولا تسمح لهم بالعبور بحرية، وهذا يعني إذا لم تتوفر هذه الأماكن المخصصة فإن الماشي مخطئ. وليس هذا فحسب، فإن هذه المادة تجعل مستخدمي الطريق من سيارات ومركبات تستهين بحق الماشي، وتوحي إليهم أن المشاة دخلاء على طريقهم، بل وتعطي الانطباع السائد أن الأولوية للسيارات وهذا مخالف للشريعة.
بل وأكثر من هذا، هذه المادة تعطي فرصة الهروب من المسؤولية إذا تسببت سيارة في القتل، فكل ما عليه أن يقول السائق أن الماشي لم يسر في الأماكن المخصصة. وما أجمله من قانون يطبق على الضعيف المسكين!
ربما ستقول لي أن المشكلة في البلدية التي لم توفر “الأماكن المخصصة”، والجواب على ذلك أن البلدية ستنفذ ما يطلبه الجمهور، والقلة من المشاة من سيتقدم لطلب “الأماكن المخصصة”. ولهذا لا تجد البلدية تتفاعل مع حقوق الضعفاء.
ربما تسأل نفسك الآن: كيف لنا أن نضمن حقوق الطريق، وكيف لنا دعم المشاة بحقوقهم المسلوبة؟ الجواب سهل واسأل أهل القانون والعلم، وبتغيير بسيط في نفس المادة، نستطيع أن نضمن الحقوق لأصحابه. فالأولى أن تكون المادة بهذا الشكل:
المادة المقترحة من الجاريات: للمشاة حرية السير في كل الطرق ماعدا الأماكن المخصصة لغير ذلك.
ما الفرق؟ الفرق كبير.. أولا هذه الجملة تضمن حق المشاة في الأولوية، وتتماشى الجملة مع شريعة الإسلام في حفظ حقوق المشاة والضعفاء. كما أن هذه المادة تجعل غالبية الطرق للمشاة في الأساس ماعدا بعض الأماكن المخصصة لغير ذلك! تخيل معي أن الطرق للمشاة في الأساس ماذا سيحدث لأصحاب السيارات والمركبات؟ كلها ستتوجه إلى البلدية كي تطلب منها تخصيص الأماكن لهم وبهذا سترى البلدية ناشطة في دعم الأرصفة الواسعة للمشاة وتجهيز الإشارات المرورية بما يضمن حق الماشي لأن الأصل في المرور هو الماشي.
بمعنى آخر، لو كنت تمشي في طريق فيه سيارات ليس فيه رصيف مناسب أو تريد قطع الطريق مع عدم وجود الخطوط المقطعة في مكان قريب، فإنك صاحب الأولية، وكل السيارات عليها انتظارك. بل وأكثر من ذلك، تستطيع قطع الطريق من أي جهة، بل حتى عند الحادث، اللوم على سائق السيارة الذي لم ينتبه! هذا كله سيجعل البلدية والمرور يطلب تخصيص الأماكن لهم ولن يحدث ذلك إلا بعد ضمان حق الماشي!
نسأل الله أن يرجع حقوق الطريق لأصحابه!
مادة قد تكون مجرمة ويجب بسببها مخاطبة المسؤولين ومجلس الوزراء وحقوق الإنسان جمعية وهيئة لتغيره