هذه رسالة إلى الناشطين في حقوق الطريق من مشاة وذوي إعاقة وركاب دراجات. الكثير يحاول مطالبة الجهات التنفيذية مثل البلديات والأمانات بتدارك حاجات الضعفاء من أصحاب الطرقات، إلا أن القلة لا يعي أن الطريقة الناجحة لدعم الضعفاء هو بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه، وليس بتوفير أدوات السلامة!
حادث
هل تعاليم السلامة قانون؟
تعاليم السلامة للضعفاء والقانون للأقوياء
حتى تفهم هذه العبارة، عليك أن تقتنع ببعض المسلمات: أن تقتنع أن الضعيف لا يضر القوي، والضعيف يخاف ويحذر من القوي. وأن تعاليم السلامة لا علاقة لها بالقانون والمحاسبة وقت الحادث.
لسلامتك: حافظ على حقك!
إن معرفة حقك هو السبيل للسلامة بإذن الله. احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده اتجاهك. الدفاع عن حقك هو الذي يعطيك الأمان. البعض سيأتي إليك ويقول لك: “ابتعد عن طريق السيارة، فهذا أسلم لك! امش جنب الحيط” بل كما شرحنا في الموقع مرارا، القيادة المركبية أكثر سلامة من القيادة بطريقة غير نظامية! حتى وإن علت أصوات أبواق السيارات!
لا تضع تعاليم السلامة في قانون المرور!
بطبيعة الحال الضعيف يخاف على نفسه، فهو سيحاول حماية نفسه من القوي بأي طريقة كانت سواء بالمصابيح أو الألبسة اللامعة، ولن تحتاج إلى قانون كي تجبر الضعيف على الخوف من القوي والابتعاد عنه! فهذا أمر فطري. فجميعنا كمشاة ودراجين نخاف من السيارات بالفطرة، وحتى لولم نتخذ تعاليم السلامة فهذا لا يعني أن المشاة لا يخافون. فالله خلق حاسة الخوف والتي تجعل الماشي يترقب مساره وهو يحاول قطع الشارع. وهذه الحاسة تعمل عند الماشي أكثر من سائق السيارة. ولهذا إن أردت أن تقيم العدل بين مستخدمي الطريق، عليك أن تزيد أمن الماشي وتزيد خوف سائق السيارة، وليس العكس! فرق بين أمر الماشي بالقانون لبس الألبسة اللامعة، وبين إجبار قائد السيارة على استخدام أنواره نهارا. عليك بوضع قانون يربط القوي ويخيفه من الضعيف. قيّد القوي دائما وحرر الضعيف.
وكمثال: لا تكتب في قانون السير: “أن على الدراج استخدام المصابيح!” بل اجعل هذه كنصائح لسلامة الدراج من جهات معنية كالبلدية مثلا، وليس في قوانين المرور! ولكن اكتب في القانون “على سائق السيارة تشغيل المصابيح في النهار!” ربما لا يكون هذا منطقيا، لكن تذكر أن القانون وتبعاته مختلف عن تعاليم السلامة! فلا نريد تبرير قتل الناس الأبرياء! بل إن إجبار سائق السيارة على تشغيل المصابيح وقت النهار سيضع مسؤولية حادث الدهس على صاحب السيارة، حتى لو كان مشغلا لأنوار سيارته بطبيعة القانون الجديد الذي يضفي المسؤولية على السيارة!
قوانين الخوذة، ومشاريع المسارات الخاصة، يستفيد منها التجار والمقاولون!
إلزام المشاة والدراجين بأدوات السلامة في قانون السير لا تحمي الماشي من خطر السيارات، وإنما تزيد من أرباح تجار الخوذات والألبسة العاكسة. أما تنفيذ مشاريع المسارات من غير تغيير حقيقي في نظام الطريق والمحاسبة، تفيد المقاولين ومشاريع البلدية من غير رفع مستوى الأمان في الحقيقة. فيأيها الناشط في حقوق الطريق للمشاة، لا تناشد البلدية بوضع أرصفة للمشاة، فأنت بذلك تنشط المشاريع للتجار وسرعان ما يتبخر العمل لمشروع آخر يهدم المشروع الأول. أما إذا ركزت جهودك في تغيير القانون نفسه، وتغير النظام، فإن البلدية ستصلح حالها بما يخدم النظام الجديد! ونقصد أن تجعل للماشي الأولوية دائما وأن له قطع الشارع من أي مكان، وليس بالضرورة في خطوط خاصة! وهذه الطريقة تضمن الحقوق من غير أن يستفيد من ورائها التجار والمقاولون. اتباع الحق أرخص من الاستمرار في الباطل. الاهتمام بالمضمون (القانون) أولى من الاهتمام بالشكل (المسارات)!
إذا وضعت تعاليم السلامة للضعفاء في داخل القانون، فلن تخدم إلا القوي!
إن وضع تعاليم السلامة في القانون وإجبار الضعيف عليها، يجعل للقوي حجة على كل ضعيف لم يتمثل بهذه “النصائح”! ويكون سببا لهروب القوي من المسؤولية! فإذا أجبرت المشاة على استخدام خطوط المشاة، واصطدمت سيارة بطفل يقطع الشارع، يكفي أن يدعي سائق السيارة أن الطفل لم يستخدم خط المشاة ليهرب من المسؤولية. وإن اصطدم بدراجة هوائية، يكفي أن يذكر أن الدراج لم يلبس الخوذة أو يضع المصابيح، وهكذا. ينتصر القانون للقوي على حساب الضعيف. فإن قلت لي أن هذه القوانين لسلامة الماشي والدراج، قلت لك أن السلامة في إعطاء الطريق حقه والعدل عند المصائب، وليست بتكليف الأضعف! والماشي والدراج أولى وأحق من السيارة في شريعة الإسلام. فنحن ننصح ركاب الدراجات بوضع المصابيح لسلامتهم، ولكن ليس لإدانتهم وقت الحادث! وإذا كنت جادا فستدرك إن رمي المسؤولية دائما على سائق السيارة سيجعل السائقين أكثر حذرا، فأي حادث سيارة مع ماشي سيكون سائق السيارة مسؤولا مباشرة، حتى لو سقط الماشي من السماء!
اكتب القانون لتقييد القوي لحرية الضعيف!
حملات السلامة المرورية لا تنتقد ثقافة التنقل بالسيارات ولا نظام المرور!
مقال واضح…بشأن من صدم الماشي وهو يعبث بجواله….من يثبت ان السائق كان مشغولاً بذلك..بينما الماشي فعلاً لم يسلك طريقه المخصص له…التقنين مطلوب فنحن مجتمع حديث طفرة، والنهضة العمرانية والازدها في الطرق كان نقله سريعه قياساً على تاريخ الحضارات، نحتاج اولاً لسد الفجوة الفكرية والبون الشاسع لردم هذه الهوة، ثم السعي الحثيث مع الصبر واخذ نفس طويل جدا لنقل المجتمع على تقبل تقديم حق الضعيف على القوي، وبالمختصر، متى رجعنا لإنتهاج ديننا كما أمرنا خالقنا حلت كل مشاكلنا ، وسنستعيد كل مجدنا، وضع أجدادنا حضارة تعلم العالم المعرفة والوعي وتراجعنا نحن بعد انهزام عزائمنا وطغيان المادة، لاسيما ان دول فقيرة دينياً عادت للمسرح الدولي، وأصبحت هي المتنفذة في تسيير دفة العالم، ونكتفي نحن بالمشاهدة…. لاأستطيع التعليق على جل المقال ، وأكتفي بالجزئية الأولى منه، وأنت كمعلم لي، أثق في حدسك المعرفي لفهم كل ماقد يقال هنا. وشكراً لك
جزاك الله خيرا على تعليقك الموفق، بالنسبة إلى إثبات أن السائق كان يقرأ جواله فليس هو هدفنا. والهدف من الموضوع هو إبراز أن السائق عليه أن يكون ملاما سواء كان يلعب بجواله أو كان منتبها! وأن الطريق في الأصل للمشاة سواء استخدم خطوط المشاة أو لم يستخدمها. تعليقك شجعني لكتابة موضوع جديد بمزيد من الأمثلة حتى نفهم الفرق بين تعاليم السلامة والقانون لإثبات المسؤولية.
وبخصوص الحضارة، فالبناء لا يستوي من الأعلى، وإذا أردت بناءها فستبدأ بوضع الأساسات، والأساسات كما ذكرت في تعليقك هي الشريعة التي أكتب من أجلها وتوضيحها، فإذا كانت المفاهيم الأساسية خاطئة سيخرج البناء متهالكا مهما صرفت المليارات. شكرا على التشجيع، وهذه التعليقات تجعلني أعرف أخطائي وفي نفس الوقت، أعرف إن كانت كلماتي واضحة وأن أسلوبي ما زال ضعيفا في جوانب عدة لإرسال الرسالة!
استمر بارك الله فيك، فاليد الواحدة تحتاج إلى أخرى!