لا بديل عن المشي بين المشاعر المقدسة إن كنت تريد حجا صحيحا سليما من أضغان الطرقات وثقافة سيار التي تلوث الجو الروحاني بنهيق السيارات والتهام حقوق الطريق التي كفلها الله سبحانه. إلا أن الثقافة ما زالت متراجعة معتقدة أن المشي وسيلة الفقراء، وأن على الدولة صرف المليارات لتعبيد الطرق للحافلات والسيارات البطيئة المتهالكة.
وبالرغم من وجود طرقات للمشاة بين المشاعر، إلا أنك تستطيع استخدام طرق المركبات للتنقل السريع باستخدام دراجة عادية لأداء الحج من غير رفث ولا فسوق ولا جدال بكل روحانية وطاعة ورحمة.
فإذا كنت تريد حجا روحانيا مقبولا مريحا مليئا بالأوقات المباركة من غير رفث الزحام وفسوق سائقي المركبات وضياع الأوقات في الطرقات. وخاصة إن كنت تريد تطبيق سنن الحج دون فوات، أو حتى أن تكون أول من يستخدم الحمامات في يوم عرفة وليلة العيد. فتابع المشهد لتعرف خطوات استخدام الجارية أو الدراجة للتنقل بين المشاعر.
كنت في حملة حجٍّ مكونة من 40 شخصا متجهين إلى مكة من الأحساء وقد تزينت الحملة بذكر الله والتكبير. أحببت أن أضرب العصفورين بتجربة اللقاء بشباب التوعية بالدراجات في مكة الذين فتحوا حسابهم على المغرد مؤخرا. رد علي الطبيب أنس الميمني الذي وافق على أن يعطيني دراجته لأجرب الحج بها حال وصولي إلى سكن الحملة في العزيزية.
وصلنا العزيزية فجر عرفة، واحتجت إلى النوم قليلا، وسبحان من أيقظني لأقوم بجولة حول السكن لأجد أيمن قد ربط الدراجة وكان متأهبا للخروج لخدمة الحجيج في مشروع القدم السكرية.
كانت خطة الحملة الارتياح قليلا في السكن والانطلاق لعرفة بعد الظهر. منظر الدراجة وهي مربوطة داخل السكن لم تكن تعجبني. ذكرت الله وانطلقت صباحا مودعا إخوتي ملبيا ومكبرا في الطرقات حتى وصلت في أربعين دقيقة مسجد نبرة داخل عرفة.
النصيحة التي أعطيك إياها أن تحرص على السير في الشوارع المخصصة للمركبات وأن لا تستخدم أبدا الطرق المخصصة للمشاة. إذا وصلت عرفة فأوقف واربط الدراجة خارج عرفة على أحد طرق المركبات والتي تكون قريبة من أحد بوابات عرفة.
تذكر أن شبكة الانترنت لا تعمل في المشاعر، فلا تعتمد على خرائط جوالك، سواء لمعرفة الطريق أو الزحام! شبكة الجوال مخصصة للمكالمات فقط في تلك المناطق من شدة الضغط فلن تجد إلا علامة E فلا جيل ثاني ولا رابع. الشيء الجميل أن Strava يعتمد على إشارات GPS من دون شبكة انترنت، فهو يقوم بتسجيل الموقع في الجوال، وعندما أعود إلى مكة أو العزيزية لتوفر الشبكة، أستطيع تحميل معلومات الحركة والتنقل.
من الأخطاء التي وقعت فيها، أني دخلت عرفة بالدراجة، ولم أتبع النصيحة السابقة، فكان خروجي وخاصة مع المشاة متعبا وقاسيا علي وعلى المشاة. أحسست بالضعف حينها وهذه الوفود لا يحركها إلا الله وخاصة مع أذان المغرب التي أخذت تسيل إلى مزدلفة. ظننت أني اقتربت من طريق مركبات إلا أني كنت مخطئا واكتشفت أني في وسط أحد أكبر طرق المشاة. أَحَسَّ بورطتي الرجل محمود مصطفى صارخا: “هل أساعدك في حمل الدراجة؟” – “يا ليت!!!” فحملت جزءها الخلفي وحمل الجزء الأمامي وتخطينا طريق المشاة عرضيا بسرعة إلى الطرف الآخر المجاور لطريق المركبات! شكرته كثيرا وحرصت على التواصل معه. فجزاك الله خيرا.
الدراجة الهوائية مركبة، القليل يعرف فائدة ذلك، فإذا وضعتني في طريق المركبات، فهذا أكبر هدية. الطريق من عرفة إلى مزدلفة لم يتجاوز 25 دقيقة.
وصلت قبل أذان العشاء، وكان الليل طويل. تمشيت بالدراجة وأعتقد أني سرت في جميع شوارعها المتشابهة. وصلت إلى منى الجديدة أيضا والتي هي جزء من مزدلفة. صليت المغرب والعشاء جمعا مع من صادفتهم.
بت الليلة في المزدلفة هذه الليلة ليه عييييد!!
بت أصلي بت ألبي وفؤادي بالحج سعييييييد!!
القلة من الحجيج يعرف النوم في مزدلفة. نمت واستيقظت فجرا وأذنت وصليت وجهزت نفسي للانطلاق إلى منى لرمي الجمرات. لم أخش الوقت. لأني كنت أعرف أن الدراجة ستحفظ لي وقتي. والكثير من الحجيج يفرط في النوم ويعجل الخروج من مزدلفة لأسباب كثيرة فيصبح متعبا يوم العيد فلا يتلذذ بالعبادة. نصيحة، دراجتك ستكون الحل!
خروجي من مزدلفة كان سهلا، ولكثرة شوارع المركبات اخترت طريقا خطأ يؤدي إلى مواقف بعيدة للحافلات. الحمدلله وجدت رجلا يسير بدراجة هوائية من أهل المنطقة يساعد الحجيج ولا يريد الإفصاح عن اسمه. وأهل مكة أدرى بشعابها، لم يكن يقود قيادة مركبية، وسألته فقط أن يوصلني إلى أقرب نقطة للجمرة الكبرى مستخدما شوارع مركبات فوصلت إلى شارع صدقي. المشوار مع فقدان الطريق أخذ ساعة فقط.
بعد إيقاف دراجتي في شارع صدقي، مشيت في شارع المشاة حتى وصلت جمرة العقبة ورميت سبعا. وبعدها قررت الإفاضة وسعي الحج.
الطريق كان مزدحما بالمركبات بشكل غير طبيعي. ولا أدري لماذا لا ينزلون من هذه المركبات ويتوجهون مشيا إلى الحرم. المهم أني وصلت في نصف ساعة مرورا بين السيارات. تذكر اللثام حتى تقلل استنشاق فضلات هذه المركبات الموبوءة.
انتهيت من طواف الحج وسعيه وحان وقت شكر الله على النعمة والحلق. أوقفت دراجتي بجوار البريد السعودي بجوار منطقة جبل المروة. والتي منها دخلت المسجد الحرام ومنها انتهيت من السعي. انطلقت عبر الطريق العام وكان أيضا مزدحما ولا أستبعد أن المركبات كانت سرعتها 2 كلم\الساعة. وصلت مكان السكن في العزيزية في نصف ساعة. وبهذا انتهت تنقلاتي الأساسية بالدراجة.
الملخص:
زمن التنقل بين المشاعر المقدسة:
- السكن إلى عرفة: 40 دقيقة
- عرفة إلى مزدلفة: 25 دقيقة
- مزدلفة إلى الجمرة مع فقدان الطريق الصحيح: ساعة.
- المشي مع المشاة للوصول إلى الجمرة والعودة إلى موقف الدراجة: ساعة.
- من الجمرة إلى الحرم للإفاضة: نصف ساعة.
- من الحرم إلى السكن في العزيزية: نصف ساعة
المجموع: 4 ساعات فقط.
جميل نشر التنقل بالدراجة بالحج بين المشاعر وتجنب زحمة السيارات والمتعة الحقيقية التي أشعر بها وأنا أقر الموضوع ومتابعة الفديو الرائع جدا
فكيف باصاحب التجربة أجزم أنه استمتع وتجربة مثيرة .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هناك تساؤل حول لبس الإحرام وصعوبة التدرج به، فما درجة الصعوبة وما الحل؟
بالنسبة لاستخدام برامج الملاحة فهناك برامج تنزل الخرائط مسبقا ولا تحتاج الانترنت مثل sygic والتي عليها حاليا عرض بحوالي ١٠٠ ريال في آبل ستور تعطيك جميع خرائط العالم مدى الحياة. وهناك غيرها.
لعلنا نرتب لرحلة حج في الأعوام القادمة بالدراجة.
تجربة جميله وتغطيه اروع
4 ساعات مغرية جدا للحج بالدراجة
شكرا لك وتقبل الله حجك