في
ذلك الصباح 11 سبتمبر 2015، تواصل معي إبراهيم التكريتي أحد مؤسسي “دراجتي” يخبرني بحادثة جريمة دهس إنسان من قبل سائق متهور “م. الزهراني” في صباح جمعة في شارع الملك عبدالله في واجهة الدمام في طريق شبه فارغ من حركة المرور. وقد ُعرف الشيخ “أسامة مرعي” لاحقا بأنه يقود دراجته في طرقات الدمام والخبر طيلة 20سنة وحسابه في سترافا شاهد على ذلك. وهو يعمل في شركة صناعية في الدمام، وقد انتاب أ التكريتي وهو يخبرني بأن الحادثة في المسار الأيمن، وأنه يخشى أن يكون المظلوم قد قاد دراجته مركبيا. وأجبته بأني أسأل الله أن يكون قد قاد مركبيا. وهل هذه قضية؟
وتستقبل الجاريات الأسئلة حول الحادثة بين الحين والآخر سيما أن حوادث الدراجات قليلة جدا والحمدلله، ولم ننشر شيئا قبلها حول القضية، ويستطيع أصحاب القضايا التواصل معنا لأي مشورة. إلا أن قضية “مرعي” تعتبر الأولى في جيل ربيع الدراجات، ولم أشأ الكتابة دون اكتمال المعلومات.
أما إدارة الحوادث في مرور الدمام، يبحثون عن ما يدين الدراج كي يخرج الداهس بسهولة في اليوم التالي من حجزه حتى لا تتأثر “حياته”، وقد وصل إليّ من خلال أولياء الدم بأن والد الداهس يصرخ “لماذا يقود الدراج في الطريق؟”. وقد ادعى السائق بأن الدراج انحرف أمامه وهو يقود شمالا في شارع الملك عبدالله المعروف بشارع السفن. ليضع المرور النسبة 25% خطأ على صاحب السيارة و 75% على صاحب الدراجة مبدئيا. والأمر قد يتحول إلى قضية جنائية لو كانت النسبة 100% على السيار، إلا أن وضع نسبة ولو قليلة ضد الدراج، قد تحيل هذه حسب ما يشير أحد المحامين.
أما “المحقق” فلم يسأل عن سرعة السائق، أو أين كان ينظر؟ أو ماذا كان يفعل؟ أو لماذا لا توجد آثار مكابح؟ أو حتى حالة السيارة؟ فهل كان ينظر إلى شروق الشمس؟ مثلا؟ أليس المنظر جميلا؟ وخاصة أن الطريق سرعته 70كلم فقط بافتراض ثقافة سيار أن 70 تعني سرعة المسار الأيسر، والحادثة في مسار أيمن في وقت صبح شبه فارغ من حركة المرور، فلك أن تتخيل كمية التجاوزات التي حصلت سواء من قبل السائق، أو من قبل محقق الحادثة، التي يستطيع أي محامي بسيط استخراج عشرات البنود من نظام المرور التي تمت مخالفتها من قبل السائق، فضلا عن سرعة مرعي التي قد تصل 25كلم في اتجاه النهر وهو مليء بالمصابيح من خلفه، فأي نوع من السائقين كان م. الزهراني؟ حفظني الله وإياكم! ليكتفي المحقق بتصديق رواية الداهس، التي لا يصدقها أي ممارس بسيط لركوب الدراجات الهوائية. هل تعلم أن اتهام السائق “بالسرعة” تكفي لإدانة السائق بالحادثة 100% أيا كان نوعها بالكامل على السائق! وحتى لو قفزت سيارة الضحية من الرصيف نحو الشارع! فكيف إذا كانت الجثة قد سحبتها السيارة مسافة كبيرة، رحمك الله يا صاحب الطريق.
وفي سياق جانبي، ظهر وسم #متهور_يدهس_إنسانا للتوعية بخطر المستهترين بأرواح البشر وأن الأصل في حوادث الطرق أن اللوم على السيار مباشرة حتى ظهور العكس، واعتقد المتحمسون للقضية بأن الدراجين من المجموعات المختلفة ستقف مع أهل الدراج ضد السائق المتهور لأكتشف أن “ثقافة متسابق” أخذت تضع الاحتمالات عما يمكن قد بدر من قائد الدراجة من أخطاء كما يفعل مجتمع ثقافة سيار، فأحدهم يسأل عن الخوذة، والآخر يسأل إن كان قد ظهر “فجأة”، أو “ربما نزل الدراج من الرصيف”، “هل كان يقود مركبيا؟” وهم يساعدون الداهس على الخروج من “محنته” بإعطائه المبررات، أحشفا وسوء كيلة، بل ذكر لي أحد مسؤولي “دراج” أنهم لن يتحدثوا في موضوعه لأنه ليس عضوا في المجموعة! وبالرغم من أن الشيخ “أسامة مرعي” يُعرف بأنه كان يقود جانبيا حسب توصيات الثقافة المحلية، إلا أن أصحاب هذه الطريقة، لم يتواجدوا لدعم قضيته.
وبعد فقْد الثقة في المجموعات، وجد فريق الجاريات نفسه مع المتأثرين بهذه المظلمة ليرسموا اعتراضاتهم في شارع السفن، يطالبون فيه محاسبة المتهور وتوعية المجتمع بحق الدراج في الطريق، وتمت التوعية حول القضية وتبعاتها وكيفية مساندة راكب الدراجة حقوقيا، ولا أراه وجد حقه في الإعلام بالرغم من وصول الموضوع للصحافة.
وقد كان الأستاذ خالد الصقعبي في تواصل مباشر مع أهل الفقيد ليكونوا جاهزين للتحاور بما يؤيد حق عزيزهم بأن الطريق للدراجات ونظام المرور يكفل ذلك ليرسلوا رسالة بأن المجتمع يعون حقهم، وبعد أن أعطت الإدارة أولياء الدم الانطباع بأن 25% فعلا قليلة، رفعوا النسبة إلى 75% لصاحب الدراجة و 25%، ويبدو أن هذه طريقة متكررة حسب المعتاد، يظلمونك ثم يخففوا المظلمة لاحقا فلا تأخذ حقك كاملا، إلا أن الاعتراض مستمر إذ أن الحادثة صدم من الخلف، وبدؤوا يطرحون فكرة أن الدراج كان يسير على اليمين جدا حسب أقوال السائق “الجديدة” وانحرف “فجأة” نحو الطريق، فأوضحت لهم في خطاب أن مسار الدراجة هو “مسار كامل” والسيارة عليها التجاوز من مسار آخر، وأن مسار الدراجة ليس “5 سم” كما يعتقد المحقق، وظهر أن مدير الحوادث الجديد تفاجأ بأن الدراج له استخدام جميع المسارات، وينتظر “تعميما” بالرغم من وضوحه في محاولة يائسة للدفاع عن حكمه. وتطور الادعاء بأن الدراج كان يقود على الكتف، وهذه الرواية الجديدة تثبت أن السائق كان يرى الدراج، والمحقق لم يدرج البيانات كاملة ولا يؤيده آثار الدهس ولا حتى آثار الدراجة، ولم يُلحقوا ما أثبتته المشاهد المصورة في ملف القضية. وطلب المحقق من أولياء الدم أن لا يُستدعى أحد غيرهم للنقاش في الحادثة وخاصة عند اكتشافهم أن الموضوع يتابعه من يتابعه! واعتمدت الإدارة على أقوال الداهس فقط في ذلك الملف. فأجابت الإدارة أولياء الدم بأن القضية أرسلت أوراقها للادعاء والتحقيق، ولا يستطيعون إرجاعها لإصلاح أو مراجعة الحكم، والاعتراض عليه يكون في المحكمة.
أحد المشاهد المنشروة في تويتر التي توضح مكان وبيئة الواقعة.
وقد علمت من أولياء الدم بأن القضية عامة وخاصة، وقد اجتمعت المحكمة وصادقت الحكم العام دون أن يتم استدعاء أولياء الدم في القضية، بل لا يدري أولياء الدم عن تفاصيل الحكم العام حسب ما بلغني، فهل القضية مرورية أو أن القضاء يحمل في طياته عقوبات مغلظة؟ أو أن التأمين هو الكفيل والسائق “يقود سيارة” في شوارعنا؟
الشهود الصامتون
وفي أواخر يناير 2016 ومع الأيام وفي مركز “الجاريات” في الدمام زارني خ.ن. مع أ.ز ليستفسرا عن الدراجات وهما راعيان دبابات نارية بالأصل والحديث جر بعضه، ليكشف لي أنه أحد شهود حادثة “أسامة مرعي” التي شهدها 5 آخرون وكيف أن “رجل المرور” المحقق الميداني سمع الداهس يقول: “كنت أنظر للجوال” وجميع الحضور سمعوها ليعترف بجريرته، فذكرت ل خ.ن. قصة القضية، ليُصدم عند معرفته أن النسبة 75% للدراج، فضلا أن الحادثة سببها جوال. ولا أذكر إن كان قد ذكر أيضا أن السائق لم تكن لديه وثيقة تأمين، ولا رخصة، أو ربما توهمت ذلك.
طلبت من خ.ن أن يزودني بأرقام هواتف الشهود الآخرين، ليطلب شهادتهم في المحكمة ليأخذ “مرعي” حقه، إلا أنه أشاد متعذرا بأنه لا يريد الدخول في محاكم. للأسف أن يضطر الإنسان للبحث عن دليل “استخدام جوال” في قضية الأصل فيه إدانة كاملة لسائق السيارة بغض النظر عن استخدامه جوالا وبغض النظر عن التفاصيل!
وبالرغم من الصورة السوداوية للموضوع، إلا أني أكتشف بعض الرجال الذين وقفوا من أجل حق “مرعي” ومن بينهم محمد قصادي الذي كان يتوجه بدراجته إلى إدارة الحوادث بدراجته في وقت مواعيد القضية مساندا أسرة الفقيد. وآخرون يستخدمون أقلامهم، وطباشيرهم، بل وتصاميم تحوي رسائل للمجتمع.
الرجولة لا تعرفها إلا في المواقف الصعبة، وحادثة ووفاة “مرعي” لا تكشف فقط ضعف الجهات في محاسبة متهوري الطرق، بل ضعف نشطاء أهل الطريق عموما أيضا في المطالبة في حقوقهم، بل يكشف مدى ضحالة فكر المجتمع وردة فعله وانغماسها في #ثقافة_سيار عند تبرير الحوادث، والأسوأ أن يكون من بينهم دراج يردد الحديث نفسه. وأتفكر اليوم في قضية “روي نصر” وتفكك الدراجين من حوله في الإمارات عام 2013، لأكتشف أن الثقافة المحلية لا تختلف اليوم في المملكة في تفكك واضح بين مجموعات الدراجين، وكنت أعتقد أن أبنائي أكثر وعيا، فهل يا ترى سيأخذ الشيخ وأهله حقهم؟
قد أحدث هذا المقال لو وصلتني معلومات إضافية…